5 مليارات دولار و400 ألف حساب: طفرة التحويلات المالية الإلكترونية
اخبار سعر صرف الدولار في لبنان
وفقاً لإحصاءات نشرها مصرف لبنان، فإن عدد المحافظ الإلكترونية أو الحسابات التي فُتحت على شبكات المؤسّسات المالية التي تقدّم الخدمات الرقمية، بلغ 402 ألف محفظة مقارنة بنحو 1.2 مليون حساب مفتوح لدى المصارف قبل الأزمة، وأن مجمل العمليات التي تمّت لدى هذه المؤسسات، سواء من الخارج إلى الداخل أو محلياً، بلغ 5 مليارات دولار، أي ما يوازي 17% من الناتج المحلي الإجمالي.
يقول مصرف لبنان إن هذه المؤسسات المالية، أسهمت في نشر الشمول المالي في الاقتصاد اللبناني. وهذا الكلام واقعي بنسبة ما، إذ إن هذه التطبيقات استطاعت أن تنتشر بشكل كبير، ليس فقط في المدن، بل في الأطراف أيضاً، حيث لم يكن العمل بالأساليب غير النقدية مقبولاً كثيراً قبل الأزمة، خصوصاً في المعاملات الصغيرة.
فقد استطاعت هذه المؤسسات أن تدخل إلى أسواق لم تستطع المصارف التقليدية الدخول إليها حتى قبل الأزمة، مثل الأطراف، إذ إن النشاط غير النقدي المصرفي لم يكن يستطيع الولوج إلى هذه الأسواق بسهولة، لأسباب تتعلق بالقيود التي كان يفرضها العمل المصرفي التقليدي نفسه. وقد أسهم بذلك، سهولة العمل مع المؤسسات المذكورة، عبر التطبيقات على الهواتف، والتي تتيح القدرة على دفع الكثير من الفواتير.
توفّر هذه المؤسسات (مثل OMT،Whish Money، سيول، Monty، وسواها) خدمات مثل تحويل الأموال ودفع الفواتير والتحصيلات عبر شبكات مادية، عبر انتشارها الواسع في جميع الأنحاء اللبنانية، والشبكات الرقمية الواسعة النطاق، على حدّ تعبير مصرف لبنان.
وقد حصل هذا الانتشار بعد الانهيار المصرفي والفراغ الذي تركه في مجال عمليات الدفع غير النقدي، والتي تُسهم في كشف جزء من الحركة المالية في البلد أمام مصرف لبنان، المجبور على الامتثال بالكشف عن هذه الحركة الداخلية والخارجية أمام وزارة الخزانة الأميركية.
ويُدرج مصرف لبنان عمل هذه الشركات تحت عنوان العمليات النقدية، إذ يقول في تقرير صادر أخيراً، إن التحوّل في العمل مع هذه الشركات «أسهم في توسيع نطاق الاقتصاد النقدي، حيث أصبحت العملة المادية وسيلة أساسية للمعاملات ومخزناً للقيمة».
يطبّق مصرف لبنان الكثير
من القيود على عمل
الشركات المالية التي تنفذ عمليات تحويل إلكترونية
علماً أن مصرف لبنان طبّق الكثير من المعايير الصارمة على الحركة المالية التي تقوم بها هذه الشركات، فبات إجراء أي عملية تزويد للمحافظ الإلكترونية، أو عملية تحويل من شخص إلى شخص يحتاج إلى تصوير الهوية حتى لو كان المبلغ زهيداً، وهي إجراءات أضافتها الشركات في المدة الأخيرة.
كما يتوقع أن يصدر مصرف لبنان قرارات جديدة تضع المزيد من القيود على هذا النوع من العمليات وذلك بطلب من مسؤولين أميركيين.
كما إن طموح هذه الشركات في الانتشار خارجياً، جعلها تنخرط في تطبيق قرارات خارجية بحق كيانات محلية، مثلما حدث أخيراً مع جمعية «وتعاونوا» التي تعرضت لإغلاق حسابها لدى شركة «Whish Money». لكن المثير للاهتمام، أنه منذ أيام فقط حصلت هذه الشركة على أول ترخيص مباشر لها للعمل في بلد أجنبي (كندا)، وهو ما يخوّلها التوسع إلى الأسواق الخارجية بشكل مباشر بدلاً من اعتماد اتفاقات مع شركات تحويل هناك، تعمل كطرف ثالث بينها وبين الأسواق الخارجية. وأكدت الشركة أنها تسعى أيضاً إلى الحصول على تراخيص في أسواق رئيسية أخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي وأستراليا.
بعد الأزمة، ارتفع عدد هذه المؤسسات المالية أو الشركات المالية بنسبة 127%، بحسب أرقام مصرف لبنان، إذ كان هناك 11 شركة تعمل في هذا المجال عام 2019، ثم ارتفع العدد إلى 25 شركة في عام 2025. وزاد عدد «نقاط المبيع»، بحسب تقرير مصرف لبنان، التي تتضمن أجهزة الصراف الآلي وأكشاك صرف النقد، من 2595 في عام 2019 إلى 3955 في عام 2024. مصطلح «نقاط المبيع» يشير إلى الجهاز أو النقطة التي تجري عبرها عملية الدفع أو السحب باستخدام البطاقة المصرفية أو المحفظة الإلكترونية. وهذا الارتفاع في نقاط المبيع، كان بسبب انتشار هذه الشركات والفروع التي تتعامل معها.
إذ إن أجهزة الصرف الآلي انخفضت بين عامَي 2019 و2024 من نحو 2035 جهازاً إلى 1412 جهازاً، وهو ما يمثّل انخفاضاً بنسبة 30%. ما يعني أن الارتفاع في «نقاط المبيع» هو بشكل أساسي بسبب انتشار النقاط التابعة لهذه الشركات.
جغرافيّاً، يتركّز نحو 49% من المؤسسات التي تنفذ عمليات مالية إلكترونية في بيروت وجبل لبنان، وقد شهدت المناطق الريفية زيادة ملحوظة في نقاط الوصول إلى النقد، ما يشير إلى تحسن التغطية الجغرافية للخدمات المالية. فباستثناء المناطق الجنوبية التي تضرّرت خلال الحرب الأخيرة، سجّلت زيادة «نقاط المبيع» في جميع مناطق الأطراف.
2.8 مليار دولار التحويلات العابرة للحدود
يقول مصرف لبنان إن التدفقات الوافدة إلى البلد عبر المؤسّسات التي تُجري عمليات مالية إلكترونية عابرة للحدود ارتفعت من نحو 1.2 مليار دولار عام 2019 إلى 2.8 مليار دولار عام 2024، أي بزيادة تُقدَّر بـنحو 133%. إلا أنّ هذه التدفقات تراجعت من ذروتها البالغة 3.1 مليارات دولار في عام 2023، أي بانخفاض سنوي نسبته 11%. ولا تزال التحويلات الأسرية تشكّل المكوّن الأكبر من هذه التدفقات، إذ استحوذت على نحو 70% من إجمالي التدفقات في عام 2024، مقارنة بنحو 78% في عام 2022، ما يؤكّد استمرار دورها المركزي ضمن قنوات التدفقات النظامية. إلا أن التدفقات الخارجة عبر هذه الشركات تبقى محدودة نسبياً، إذ بلغت نحو 475 مليون دولار في عام 2024، أي ما يعادل 15% من إجمالي قيمة العمليات التي تنفذها مؤسّسات الخدمات الإلكترونية. واستمرت التحويلات المالية نحو الخارج في تشكيل الجزء الأكبر من التدفقات الخارجة، وإن مع تراجع حصتها السوقية من 76.4% في عام 2022 إلى 73.8% في عام 2024.
2.7 مليار دولار
هو حجم التحويلات النقدية الإلكترونية الداخلية في عام 2024 مقارنة مع 1.8 مليار دولار في عام 2019، أي بزيادة بنسبة 50%، وهذا مؤشّر على التحوّل السريع نحو اعتماد أكبر على خدمات التحويل النقدي داخل السوق المحلية





