افتتاحية "الديار": مافيا الذهب تُعيد سيناريو الدولار الأسود!
اخبار سعر صرف الدولار في لبنان
أتت زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى إسرائيل في لحظة إقليمية فارقة، تشابكت فيها التحولات السياسية والأمنية بعد حرب غزة، وتبدلت خلالها خرائط التحالفات في الشرق الأوسط، متخطية مجرد كونها محطة ديبلوماسية، أو خطوة انتخابية، عشية الانتخابات النصفية، مشكلة رسالة استراتيجية متعددة الاتجاهات لإسرائيل، التي تبحث عن إعادة ترميم ردعها، وللعرب الذين يتابعون مسار «السلام الأميركي الجديد»، ولإيران الخارجة من حرب ضروس عليها.
من هذا المنطلق، اكتسب الحدث بعداً يتجاوز العلاقات الثنائية الأميركية – الإسرائيلية، ليلامس مباشرة البيئة اللبنانية التي تعيش تحت تأثير توازن دقيق بين الضغوط الدولية وواقع المقاومة، حيث ينعكس كل تحول في الموقف الأميركي من تل ابيب، أو في طبيعة التفاهمات الإقليمية، في الداخل اللبناني، سواء في مقاربة ملف حزب الله، أو مستقبل القرار 1701، أو في احتمالات إعادة خلط الأوراق السياسية والاقتصادية تحت عنوان «الاستقرار والمساعدات مقابل نزع السلاح»، الشعار الذي شكل احد ابرز محاور «قمة السلام».
فزيارة ترامب في جوهرها، مثلت محاولة لإعادة رسم قواعد اللعبة في الشرق الأوسط بعد مرحلة من الفوضى والصراع، حيث يعاد تموضع القوى الكبرى في المنطقة، وتختبر خطوط التماس بين واشنطن وطهران من جديد. مشهد في قلبه يقف لبنان، بحدوده الجنوبية وموقعه الجيوسياسي ودوره كمرآة للتوازنات الإقليمية، أمام تحد استراتيجي جديد: كيف يحافظ على تماسكه واستقراره في ظل صراع النفوذ الذي يعيد ترامب إشعاله من البوابة الإسرائيلية؟
كلام عون
بيروت، لم تتاخر في تلقف الرسالة، اذ لم يكد الرئيس ترامب ينهي خطابه حتى خرج رئيس الجمهورية بتصريح، دعا فيه إلى «ضرورة التفاوض مع إسرائيل لحل الملفات العالقة»، منطلقا من تجربة الترسيم البحري عام 2022، الذي جرت في عهد الرئيس ميشال عون، والتي أثبتت إمكان اعتماد الديبلوماسية كأداة لحماية المصالح الوطنية، في توازٍ زمني بين الحدثين لم يكن محض صدفة، بل حمل دلالات استراتيجية عميقة تكشف تحولا تدريجيا في مقاربة الملفات الإقليمية بعد وقف الحرب في غزة، وفي موقع لبنان ضمن المشهد الجديد الذي تعمل واشنطن على هندسته.
مصادر ديبلوماسية، رأت ان تصريح عون شكل منعطفا دقيقا في المسار السياسي اللبناني، اذ جاء تعبيرا عن التحول إلى مرحلة «الواقعية الاستراتيجية»، في ظل المتغيرات العميقة التي تهز النظام الإقليمي، والذي رغم انه لم يترجم بعد إلى مبادرة سياسية «رسمية»، فإنه أطلق إشارة واضحة إلى أن لبنان لم يعد قادرا على البقاء خارج دينامية التسويات الكبرى، بحسب عون، وأن الاستقرار الدائم لا يمكن أن يتحقق بالقوة العسكرية وحدها، بل يحتاج إلى مقاربة مزدوجة تجمع الردع بالحوار.
واشارت المصادر، الى ان موقف بعبدا يفتح الباب أمام إعادة تعريف موقع لبنان في معادلة الشرق الأوسط الجديدة، فإذا أحسنت السلطة إدارة هذه اللحظة، يمكن للبنان أن يتحوّل من ساحة صراع إلى ساحة توازن، من خلال بناء رؤية وطنية موحدة تضع خطوطاً حمراء واضحة، والا فان الخطر من أن يتحول التصريح إلى أداة ضغط دولي جديدة على لبنان، تربط من خلالها المساعدات أو الإصلاحات بشروط سياسية، تصبح امرا واقعا، وبالتالي، يصبح الانفتاح عبئا لا فرصة.
المصادر اعتبرت ان غياب كل من نتانياهو وحماس عن قمة شرم الشيخ حمل دلالات بالغة الاهمية، تؤشر بوضوح الى صعوبة المرحلة المقبلة في غزة، وخصوصا ان الحلول المطروحة في القمة لا تتماهى مع توجهات الطرفين الغائبين، وفي مقدمها مشروع «السلام» في المنطقة الذي ينهي عمليا فكرة «اسرائيل الكبرى».
عليه تختم المصادر، بان المعادلة الواقعية تشير إلى أنّ لبنان أمام مفترق طرق اليوم، اما يعتمد خيار التفاوض المنظم والمسؤول، من خلال الدولة ومؤسساتها، ضمن إطار وطني جامع، يهدف إلى تحصين السيادة وتثبيت الاستقرار، واما يسير في خيار المراوحة والفوضى، حيث ستبقى البلاد أسيرة الاشتباك المفتوح، ورهينة تقاطع المصالح الإقليمية والدولية دون قدرة على التأثير أو الحماية، وهو ما ظهر بين سطور كلام الرئيس ترامب. من هنا على اللبنانيين ان يدركوا ان اعتماد الخيار الاول، ليس بالضرورة نهاية لسياسة الممانعة، ولا بداية للتطبيع، بقدر ما هو محاولة لإيجاد توازن وطني جديد، وبين هذين الحدّين، تتحدد ملامح المرحلة المقبلة.
دعم ماكرون
وفي سياق الدعم الدولي للعهد، جدد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في رسالة وجهها الى نظيره اللبناني، تصميمه على تنظيم مؤتمرين لدعم لبنان قبل نهاية السنة الجارية، الأول، لدعم الجيش اللبناني والقوات المسلحة، والثاني، لنهوض لبنان وإعادة الاعمار فيه، مشيدا بالقرارات الشجاعة التي اتخذتها الحكومة لتحقيق حصرية السلاح.
اوساط سياسية اكدت، ان كلام الرئيس الفرنسي، كما كلام الرئيس ترامب، لم يخرج عن السياق المعهود، لجهة اللغة والمضمون، الذي دأب موفدو كل من باريس وواشنطن على التأكيد عليه من بيروت اكثر من مرة، واهم ما فيه ربط المساعدات بحصر السلاح، وهو ما يعني عمليا ان الحديث عن مؤتمرات دعم يبقى في الاطار النظري، خصوصا ان أي موعد جدي لم يتحدد، في ظل الصعوبات التي تصطدم بها باريس في كل مرة، نتيجة التصلب والتشدد الاميركيين، الذي يرى الكثيرون انه سترتفع نسبته مع وصول السفير ميشال عيسى الى عوكر، ومباشرته مهامه، استنادا إلى ما يتوافر من معلومات مصدرها واشنطن.
الانتخابات النيابية
في الملفات الداخلية، عاد ملف الانتخابات النيابية الى الواجهة، بعد تاكيد رئيس مجلس النواب نبيه بري، وفشل مساعي نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب في احداث خرق في جدار الازمة، ما اعاد الامور الى مربعها الاول لجهة اجراء الانتخابات وفقا للقانون الحالي، رغم تاكيد مصادر متابعة أن نسبة تسجيل الانتشار اللبناني على منصّة وزارة الخارجية ما زالت منخفضة، معيدة السبب الى امرين اساسيين: الأول، تريّث المغتربين في انتظار حسم الجدل حول القانون الانتخابي الذي سيُعتمد، خشية شطبهم من اللوائح في لبنان، والثاني، يعود إلى التحديث الرقمي للمنصّة الذي حدّ من إمكان التسجيل المزدوج، خلافاً لما كان يُسمح به سابقاً.
وفيما اطلق رئيس التيار الوطني مبادرة انتخابية، في ذكرى 13 تشرين الاول، كمخرج من عمق الزجاجة على ما تؤكد اوساطه، كشفت معلومات سياسية، عن ان كتلة اللقاء الديموقراطي، تعمل على صيغة حل وسط تقضي بان ينتخب المغتربون نوّابًا محسوبين للاغتراب، ولكن في الداخل وليس في دول الانتشار، ليرتفع عدد النواب في المجلس إلى 134 نائبًا، موزّعين طائفيًا كما في القانون الحالي، حيث تشير مصادر المختارة، الى ان الخطوط العريضة للمبادرة تقوم على عدم تأجيل الانتخابات، وإعطاء صوت للمغتربين اللبنانيين، والحفاظ على حقّهم في المشاركة في هذا الاستحقاق، حيث تم جمع الرأيين الاساسيين في حلّ منطقي يمكن للحكومة تنفيذه من دون أي عوائق.
تعاون قضائي
على ضفة العلاقات اللبنانية – السورية، خطت الاتفاقية القضائية بين لبنان وسوريا خطوة إضافية في اجتماع عقِد في المبنى القديم لرئاسة الحكومة بين نائب رئيس الحكومة طارق متري ووزير العدل عادل نصار مع وفد سوري برئاسة وزير العدل السوريّ، مظهر الويس، الذي زار بيروت امس لساعات، حيث جرت مناقشة الاتفاقية القضائية بين لبنان وسوريا التي يعرضها الوزير نصار واستكمال البحث في موضوع الموقوفين والمساجين السوريين، حيث جرى اتفاق مبدئي على تسليم كل السجناء السوريين الذين لم تصدر بهم أحكام بجرائم القتل أو الاغتصاب أو المشاركة في القتال ضد الجيش اللبناني، على دفعات بعد تحديد آليِة عودتِهم إلى دمشق، بعدما كان تسلم وزير الخارجية والوفد الامني المرافق له، الاسبوع الماضي، اللوائح النهائية باسماء الموقوفين.
هذا وعلم ان الوفد السوري كان قدم لائحة باسماء ثمانية سجناء موقوفين في رومية، طالبا مقابلتهم، وهو ما حصل فعلا بناء على اذن قضائي من مدعي عام التمييز القاضي جمال الحجار، من ضمن آلية خاصة لمعاينة أوضاع عدد من السجناء السوريين الموقوفين في السجن، حيث عرف منهم ثلاثة: ثائر مشكاف، عقيد المنشق عن الجيش السوري السابق، دانته المحكمة العسكرية بجرم الانتماء إلى تنظيم جبهة النصرة والقتال ضد الجيش في بلدة عرسال، محمد عبد الحفيظ قاسم، دانته المحكمة العسكرية بالقيام بأعمال ارهابية وتجهيز سيارة بالمتفجرات وتفجيرها في منطقة الرويس عام 2013، و ضابط الصف خالد قراقوز، المحكوم بعقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة بتهمة قيادة مجموعات إرهابية ومهاجمة الجيش اللبناني.
ملف شاكر
وليس بعيدا، تسلّم مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية التحقيقات الأولية التي أجرتها مخابرات الجيش مع الموقوف فضل شاكر، في الملفات الأربعة المتهم بها، تمهيدا لإحالتها إلى رئيس المحكمة العسكرية، خلال الساعات المقبلة، الذي يفترض ان يحدد الجلسة الأولى لاستجوابه مطلع الأسبوع المقبل، الى جانب عدد من الشهود، وسط توقعات بان تتم مواجهته بالشيخ احمد الاسير.
لقاءات لبنانية مكثّفة في واشنطن: جابر يفاوض على الموازنة وكنعان يؤكد أولوية استرداد الودائع
هذا واستهلّ وزير المالية ياسين جابر لقاءاته في واشنطن، حيث يشارك في اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، باجتماع خاص مع المدير التنفيذي في البنك الدولي، جرى خلاله البحث في برنامج عمل البنك في لبنان والمشاريع التي يقوم بتمويلها، إلى جانب التحضيرات الجارية لزيارة مجموعة المديرين التنفيذيين إلى لبنان في تشرين الثاني المقبل للاطلاع ميدانيًا على المشاريع قيد التنفيذ.
وفي السياق نفسه، عقد الوفد اللبناني اجتماعًا مطولًا مع مجموعة لبنان في صندوق النقد الدولي لاستكمال النقاشات التي جرت في بيروت خلال أيلول الماضي، وسط أجواء وُصفت بالإيجابية وتقدّم في الملفات التقنية، على أن يُستكمل البحث في جلسة مخصصة لملف القطاع المصرفي.
مصادر مواكبة للوفد أكدت أن الجانب اللبناني يخوض مفاوضات صعبة في واشنطن، خصوصًا في ما يتعلّق بالموازنة، وقانون الفجوة المالية، وتطبيق قانون السرية المصرفية، مشيرة إلى أن الهدف الأساس للبنان في هذه المرحلة هو تجنّب إدراجه على اللائحة السوداء، والسعي لاحقًا إلى رفع اسمه عن اللائحة الرمادية.
وفي موازاة الاجتماعات الحكومية، شارك النائب إبراهيم كنعان في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لعام 2025 في واشنطن، إلى جانب برلمانيين من مختلف أنحاء العالم.
وأكد كنعان أن لبنان، الذي لا يزال يتفاوض مع صندوق النقد منذ العام 2019، يحتاج إلى مسار تعافٍ واقعي يأخذ في الاعتبار مصلحة الشعب اللبناني، مشدّدًا على أن «إصلاح المالية العامة هو المدخل لوقف الهدر ومكافحة الفساد»، وأن «قانون الفجوة المالية وُضع أساسًا ليشمل استرداد الودائع كما حصل في تجارب دول أخرى».
وأشار إلى أنه سيعقد اليوم لقاءات في البيت الأبيض ومع إدارة صندوق النقد لمتابعة النقاشات حول الملفات المالية والإصلاحية المطروحة.
الذهب
وفيما يتوقع ارتفاع جديد في اسعار الذهب الى مستويات قياسية جديدة، وسط تجدد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة الاميركية والصين، مما زاد من حالة عدم اليقين وعزز الطلب على الملاذ الآمن، في حين دعمت توقعات خفض اسعار الفائدة الاميركية، الاسعار، التي توقع البعض ان تبلغ سقف ال 5000 دولار للاونصة الواحدة، يشهد السوق اللبناني حركة مضطربة، في ظل امتناع بعض التجار عن بيع الذهب، تحديدا الليرات والاونصات، التي في حال توافرت، بيعت باسعار اعلى من السوق العالمي بحوالى ال200 الى 250 دولارا، في السوق السوداء، وسط بطء عمليات التسليم للمحال، من قبل الـ «مافيا» المتحكمة، في ظل غياب كامل للدولة واجهزتها الرقابية عن الساحة، في مشهد يذكر بفترة ارتفاع سعر الدولار والمضاربات التي حصلت. فاين الدولة من كل ذلك، والسلطات المالية؟ ولمصلحة من تكدس الارباح الطائلة التي يتم جنيها من السوق السوداء؟