شبهات هزّت الرأي العام: اختفاء مئات الملايين من الدولارات من التبرعات لأهالي غزة
اخبار سعر صرف الدولار في لبنان
في وقت كان العالم كله مشدودًا إلى مأساة غزة الإنسانية نتيجة الحرب الإسرائيلية، ظهرت شبهات مالية هائلة هزت الرأي العام العربي والإسلامي، تتعلق باختفاء مئات الملايين من الدولارات من التبرعات المخصصة لإغاثة أهالي القطاع الجائع والمنهك. وثائق رسمية وتقارير موثقة تشير إلى تورط قيادات مرتبطة بتنظيم الإخوان في الأردن وتركيا، عبر ما يُعرف بـوقف الأمة، لتبرز واحدة من أبرز قضايا الأموال المفقودة المرتبطة بغزة.
وليس ما ظهر جديدًا فحسب، بل هو إعادة تأكيد لما كان يُتداول منذ سنوات. الباحث المختص في الجماعات الإسلامية المتشددة، ماهر فرغلي، يوضح أن القضية الفلسطينية لطالما كانت بوابة لجمع التمويل تحت عناوين إنسانية، فيما تُثار اليوم شبهات حول استيلاء شبكات مرتبطة بالإخوان على التبرعات التي جمعت لإطعام أهالي غزة.
انفجار الجدل: نصف مليار دولار يختفي
أكدت مصادر أردنية مطلعة لصحيفة نداء الوطن أن الأيام الأخيرة شهدت عاصفة جدل غير مسبوقة بعد تفجّر اتهامات خطيرة ضد حملة التبرعات الضخمة التي قادتها جمعية وقف الأمة لدعم غزة. وفق ما تداوله ناشطون وخبراء في شؤون الحركات الإسلامية، تبين أن تنظيم الإخوان الدولي استغل هذه المؤسسة كغطاء لجمع التبرعات باسم القدس وغزة، قبل أن يختفي نحو نصف مليار دولار من الأموال التي لم تصل إلى مستحقيها.
وتشير المصادر إلى أن جذور الأزمة تعود إلى 27 كانون الثاني 2024، عندما بدأت تظهر علامات اختفاء أموال التبرعات، بعد كشف شبكة مرتبطة بالإخوان في الأردن قامت بجمع مبالغ مالية ضخمة من عدة دول عربية وإسلامية. وفي خضم هذه التطورات، سارعت حركة حماس إلى إصدار بيان رسمي أعلنت فيه رفع الغطاء عن جمعيات مثل وقف الأمة ومنبر الأقصى وكلنا مريم، متهمة هذه الأطراف بالاستيلاء على التبرعات دون الإفصاح عن القيمة الدقيقة للأموال المفقودة.
شبكات مالية معقدة
مراقبون يؤكدون أن المؤسسات التي ذكرتها حماس في بيانها، بما فيها وقف الأمة، كانت جزءًا من شبكتها المالية، تدار عبر منسقين من الأردن إلى تركيا وقطر يتولون ملف التمويل. وتكشف المصادر أن عددًا من رجال الأعمال المغرر بهم تبرعوا بمبالغ ضخمة، وطُلب من المسؤولين عن هذه المؤسسات إعادة الأموال المنهوبة، لكنهم رفضوا وفرّ بعضهم إلى دول أوروبية، قبل أن يقوم آخرون بالكشف عن معلومات سرية تتعلق بأنشطة الإخوان المالية في أوروبا.
ما كشفه ماهر فرغلي
قال الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية، ماهر فرغلي، في تصريح له على منصة أكس، إن جماعة الإخوان استولت على نحو نصف مليار دولار من التبرعات المخصصة لدعم قطاع غزة، موضحًا أن هذه العملية تمثل واحدة من أكبر حالات الفساد المرتبطة بالحملات الخيرية التي تديرها الجماعة.
وأشار فرغلي إلى أن الإخوان اعتمدوا تاريخيًا على قضايا غزة والأقصى وفلسطين لجمع الأموال، إلا أن الوضع هذه المرة اختلف، بعد أن رفضت حركة حماس ما حدث وأصدرت بيانًا رسميًا أكدت فيه أن جماعة الإخوان استولت على مبلغ ضخم جرى جمعه باسم غزة.
ووفق فرغلي، جاءت بداية كشف الفضيحة على يد شاب حمساوي يُدعى خالد حسن، الذي كشف مخالفات مالية في جمعية وقف الأمة، الجمعية التي أسسها إخوان الأردن ويشرف عليها كل من يزيد نوفل، فؤاد الزبيدي، سمير سعيد، خلدون حجازي، أحمد العمري وزيد العيص. وأدى كشف خالد إلى ردود فعل واسعة، كان أبرزها رد الباحث والداعية الإخواني محمد المختار الشنقيطي، قبل أن تتدخل حركة حماس رسميًا ببيان اتهمت فيه الجمعية والجماعة، محذرة من أن الأشخاص الواردة أسماؤهم قاموا بالاستيلاء على الأموال.
وأشار فرغلي إلى أن وقف الأمة، التي تقف خلف الحملة التي جمعت نصف مليار دولار، تديرها مجموعة من الشخصيات الدينية المقيمة في إسطنبول، وتنشط منذ عام 2013 في جمع التبرعات، حيث أطلقت أكثر من ألفي حملة خلال السنوات الماضية. وأكد أن الجمعية أعلنت حملتها الأخيرة قبل أيام، وأطلقت حملة تسويق واسعة شارك فيها إعلاميون وعلماء ودعاة، وشملت وسائل إعلام فضائية ومكتوبة وإلكترونية، إلى جانب تنظيم مؤتمرات في تركيا لحشد المتبرعين.
واختتم فرغلي تحذيره بالقول إن هذه الواقعة تكشف حجم شبكة التمويل التي تديرها الجماعة، محذرًا من استمرار استغلال الأزمات الإنسانية في غزة لتحقيق مكاسب مالية وتنظيمية.
تؤكد هذه الوقائع أن جمع التبرعات في الأزمات الإنسانية يحتاج إلى رقابة صارمة وشفافية كاملة، لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه، وحماية المعاناة الإنسانية من أي استغلال مالي أو تنظيمي من قبل شبكات مترابطة تسعى لمصالحها الخاصة على حساب القضية الفلسطينية.




