الحد الأدنى للأجور: الـ"550 دولارًا" غير كافية!
اخبار سعر صرف الدولار في لبنان
#fixed-ad { position: fixed; bottom: 0; width: 100%; background-color: #ffffff; box-shadow: 0px -2px 5px rgba(0, 0, 0, 0.3); padding: 15px; text-align: center; z-index: 9999; right:0px; } #ad-container { position: relative; padding-top: 50px; /* ترك مساحة كافية لزر الإغلاق */ } #close-btn { position: absolute; top: -40px; right: 15px; background-color: #007bff; color: white; border: none; padding: 12px 16px; border-radius: 50%; font-size: 24px; cursor: pointer; box-shadow: 0px 4px 8px rgba(0, 0, 0, 0.3); transition: background-color 0.3s ease, transform 0.3s ease; } #close-btn:hover { background-color: #0056b3; transform: scale(1.1); } /* لجعل التصميم متجاوبًا */ @media (max-width: 768px) { #fixed-ad { padding: 10px; font-size: 14px; } #close-btn { top: -35px; padding: 10px 14px; font-size: 20px; } } @media (max-width: 480px) { #fixed-ad { padding: 8px; font-size: 12px; } #close-btn { top: -30px; padding: 10px; font-size: 18px; } }
×
جاء في “نداء الوطن”:
تكادُ الـ 100 دولار في لبنان تُشبه «جرعة الماء» لا أكثر، إذْ إنها لا تكفي لتأمين متطلبات الحياة الأساسيّة وربما حتى لا تكفي لفاتورة اشتراك المولد الكهربائي. فكيف يمكن لموظف يتقاضى 300 أو 400 دولار في الشهر، أن يعيش بكرامته؟
وفق هذا المنحى الخطير الذي يأخذه التضخم في لبنان فإنّ راتب الـ 550 دولارًا بات أقلّ بكثير من حاجة العائلة اللبنانيّة للعيْش بأدنى مستويات متطلباتها، مع الإشارة إلى أن الحدّ الأدنى للأجور، مع كل المتفرعات، لا يتجاوز الـ 300 دولار. «الحدّ الأدنى للأجور هو ما يجب أن يتقاضاه العامل ليتمكّن من تأمين احتياجاته المعيشية الأساسية من خلال سلة غذائية واستهلاكية تضمن له حياة كريمة دون حاجة أو عوز»، وفق ما يُشير إليه الخبير الاقتصادي وعضو هيئة مكتب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في لبنان د. أنيس بو دياب لـ «نداء الوطن».
معايير الحدّ الأدنى للأجور
في ما يتعلّق بالمعايير التي يتحدّد من خلالها الحدّ الأدنى للأجور، يوضح بو دياب أنّه «من الناحية العلمية، تختلف معايير تحديد الحدّ الأدنى للأجور من بلدٍ إلى آخر، إلا أنّ هناك مرتكزات اقتصاديّة عامّة تحاول معظم الدول اعتمادها كليًّا أو جزئيًّا، أبرزها:
تكلفة المعيشة: وتشمل السلة الاستهلاكية المطلوبة للأسرة بالإضافة إلى تكاليف السكن والتعليم والرعاية الصحية.
خطّ الفقر: إذ غالبًا ما تتمّ مقارنة الحدّ الأدنى للأجور بخطّ الفقر لضمان أن يعيش العمال حياة كريمة فوق مستوى الفقر.
مستوى الإنتاجية: أي إنتاجية الاقتصاد أو القطاع المعني، إذ قد يختلف الحدّ الأدنى للأجور من قطاع إلى آخر تبعًا لقدرة الإنتاج والنمو في كلّ منها.
توازن سوق العمل: أي التوازن بين العرض والطلب على اليد العاملة. ففي الأسواق الليبرالية الحرة، يؤثر الركود أو الانكماش الاقتصادي على مستوى الأجور، كما هي الحال في لبنان اليوم حيث ينعكس تراجع النمو انخفاضًا في الحدّ الأدنى للأجور.
القدرة الاقتصادية للشركات: أي قدرة القطاعات الاقتصادية المختلفة (الصناعة، التكنولوجيا، التجارة، السياحة…) على تحمّل كلفة الأجور. فحين يشهد أحد القطاعات ازدهارًا، ترتفع فيه الأجور مقارنة بغيره.
المقارنة الدولية: تلجأ بعض الدول إلى مقارنة مستوى أجورها بدول أخرى مشابهة لها في البنية الاقتصادية. فمثلاً، الحدّ الأدنى للأجور في الأردن يقارب 330 دولارًا، بينما في إسرائيل يصل إلى نحو 1500 دولار، ما يسمح بتقدير القدرة النسبية لكلّ اقتصاد.
مؤشر التضخمّ: يُعدّ التضخّم عاملًا أساسيًّا في تحديد الحدّ الأدنى للأجور، إذ يجب أن يواكب ارتفاع الأسعار حفاظًا على القدرة الشرائية للعامل.
التشاور مع الأطراف المعنية: وهو من المعايير المعتمدة في لبنان وسواه، ويتمّ عبر الحوار بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمالي العام برعاية وزارة العمل. وعادةً ما تؤثر قوة أحد الطرفين على نتيجة هذا التشاور، إذ يمكن للطرف الأقوى فرض شروطه ضمن الحدود الممكنة».
يُضيف: «تعتمد بعض الدول أيضًا نسبة مئوية من متوسط الأجر الوطني لتحديد الحدّ الأدنى للأجور. فعلى سبيل المثال، إذا كان متوسط الأجر العام في الدولة بين 2000 و3000 دولار، فقد يُحدّد الحدّ الأدنى للأجور بنسبة 50 % أو 60 % من هذا المتوسط. هذه الطريقة الحسابية تسمح بضبط العلاقة بين الأجور والإنتاجية بما يضمن للعامل تأمين حاجاته الأساسية وفقًا لقدرة الاقتصاد.
الواقع اللبناني
بالنسبة إلى لبنان، يلفت بو دياب إلى أنّه «تمّ آخر مرة رفع الحدّ الأدنى للأجور في بداية فصل الصيف من العام الحالي، 2025، حيث أعلنت وزارة العمل حينها أنّ الحدّ الأدنى للأجور أصبح 28 مليون ليرة لبنانية بعد رفعه من 14 مليونًا، رغم أنّ الأطراف المعنية لم تتفق على هذا الرقم».
وهنا يُشير إلى أنّ «الواقع كان كالآتي:
الاتحاد العمالي العام طالب برفع الحد الأدنى إلى ما بين 500 و1000 دولار تقريبًا. بينما الهيئات الاقتصادية كانت مستعدة لدفع حوالى 250 دولارًا (أي ما يقارب 22.5 مليون ليرة). وزير العمل رأى أنّ الأطراف لن تتوصل إلى اتفاق، فحدد الرقم عند 28 مليون ليرة.
ويردف قائلًا، «هذا القرار جاء في ظل وضع اقتصادي صعب للغاية، إذ نحو 40 % من الاقتصاد متوقف، والكثير من المؤسسات لا يعمل، وخاصة في مناطق الجنوب، الضاحية، بعلبك، والهرمل. وكان هناك أمل بأن يدعم الموسم السياحي الوضع، لكن الواقع الاقتصادي بقي صعبًا. موضحًا أنه «تم الاتفاق على اجتماع لجنة المؤشر كل شهرين لإعادة تقييم الوضع الاقتصادي، مع مراجعة الأوضاع في تشرين الثاني 2025 لتحديد إمكانية إعادة النظر بالحد الأدنى للأجور. مديرية الإحصاء المركزي ستكون مسؤولة عن توفير الأرقام الجديدة حول استهلاك الأسرة وحجم الاقتصاد الوطني لاتخاذ القرار المناسب».
«زيادة غير ممكنة»
ويتطرّق بو دياب إلى «اختلاف وجهات النظر ما بين الهيئات الاقتصادية والاتحاد العمّالي العامّ»، حيث يُوضح أنّ «الهيئات الاقتصادية تعتبر أنّ زيادة الحد الأدنى للأجور في ظل الأزمة الحاليّة غير ممكنة، في حين يُطالب الاتحاد العمالي برفع الحدّ الأدنى للأجور إلى مستوى يسمح للعمال وعائلاتهم بالعيش الكريم. بحسب الإحصاءات، الأسرة اللبنانية المكوّنة من أربعة أفراد لا تستطيع العيش حياة مقبولة بأقل من 550 إلى 600 دولار شهريًا، إذا أخذنا بالاعتبار تكاليف الكهرباء والمياه، الرعاية الصحية، التعليم، وتوفر النقل العامّ والخدمات الأساسيّة. وبناءً على ذلك، يؤكّد بو دياب في ختام حديثه، أنّ «الحدّ الأدنى للأجور الحالي لا يكفي لتأمين حياة مقبولة للأسرة، ويحتاج الوضع إلى مراجعة دورية وفقًا للنموّ الاقتصادي والقدرة الشرائيّة للأسر».