اليوم الأول لتطبيق تعميم الألف دولار: التزام جزئي بانتظار تحديث البرامج
اخبار سعر صرف الدولار في لبنان
كتبت رنى سعرتي في "نداء الوطن":
دخل تعميم مصرف لبنان الموجّه إلى المؤسسات المالية غير المصرفية مثل مكاتب الصيرفة وشركات تحويل الأموال، حيّز التنفيذ أمس، بطريقة خجولة جدًّا ومتفاوتة لا تشمل بعد كل المؤسسات المعنيّة به.
بدأ أمس تطبيق التعميم المتعلق بتنظيم عمل الصيارفة وشركات تحويل الأموال. ويمكن القول، إنه في اليوم الأول، وبعد معاينة ميدانية لـ "نداء الوطن"، ورغم أن التعميم يطالب المؤسسات باعتماد نموذج إعرف عميلك (KYC) الذي يفرض على العملاء الذين يقومون بعمليات صيرفة أو تحويلات مالية تفوق الألف دولار، تعبئة مجلّد من المعلومات والمستندات الشخصية، قد بدأ تطبيقه، إلا أن قلّة من شركات الصيرفة وتحويل الأموال، طبقت التعميم بشكل كامل. واستنادًا إلى تقييمات الصيارفة، كان هناك امتعاض من قبل بعض العملاء جراء المستندات والمعلومات المهولة المطلوبة لدى كلّ عملية صرافة أو تحويل نقدي.
في هذا الإطار، أوضحت مصادر نقابة الصيارفة لـ "نداء الوطن" أن الصيارفة بصدد اعتماد آلية لتطبيق التعميم رغم أنها لم تكتمل بعد لأن التعميم أعطى مهلة إشعار قصيرة جدًّا لا تتعدى الأسبوعين، وبالتالي هناك استحالة لتطبيقه ضمن هذه المهلة خصوصًا أنه يحتاج إلى برامج متخصصة. وأشارت إلى أن النقابة تستعين بشركات دولية لمساعدتها في وضع آلية لتطبيق مفاعيل التعميم وتحاول اعتماد برامج معلوماتية موحّدة بين كافة الصيارفة، رغم أن هذا الأمر يعود إلى كلّ مؤسسة على حدة وعلى عاتقها الشخصي. لافتة إلى أن تحديث البرامج أو تغييرها بشكل جذري لكي تلبّي السرعة المطلوبة في جمع البيانات يحتاج إلى وقت، لذلك لا يمكن تطبيق كامل متطلبات التعميم الكثيرة ضمن هذه المهلة القصيرة، "ونحن نحاول مع لجنة الرقابة على المصارف، أن نتوصّل إلى حلّ وسط يقلّص الشروط أو البنود المطلوبة، خصوصًاا أن المؤسسات المالية المعنيّة بالتعميم، تقوم بعمليات نقدية كثيفة على عدد الدقائق، على عكس المصارف التي يمكن إحصاء عملياتها اليومية بسهولة والتي تملك قاعدة بيانات وملفات مفصّلة عن عملائها، "علمًا أن القيود المفروضة من قبل المصارف على العمليات المصرفية أصبحت بعد هذا التعميم، أسهل من القيود المفروضة على المؤسسات المالية الأخرى".
وفيما أكدت المصادر أن القليل من الصيارفة بدأ بتطبيق التعميم بشكل يدويّ، أكدت أن كافة المؤسسات تقوم بورشة تحديث وتغيير لبرامجها تماشيًا مع متطلبات التعميم. مشيرة إلى أن مصرف لبنان يطالب ضمن التعميم، بإرسال المستندات والملفات عبر البريد الإلكتروني، إلا أن هناك آلاف المستندات التي لا يمكن إرسالها بهذه الطريقة وتحتاج إلى برامج متخصّصة تجمع الملفات أو الأرشيف وترسله بشكل أوتوماتيكي.
كما أشارت إلى أن التعميم ينصّ على أخذ صورة شخصية فورية للعميل، وهذا أيضًا يحتاج إلى اعتماد أجهزة وبرامج متخصصة تحتاج إلى مزيد من الوقت، مؤكدة أن إجراءات التعميم تطبق على أي عميل يريد القيام بعمليات صيرفة أو تحويل مالي بقيمة تفوق الألف دولار، حيث سيُطلب منه أخذ صورة له، وهويته، ومستندات تثبت مصدر الأموال وغيرها من المعلومات… موضحة أن المؤسسات التي بدأت تطبيق جزء من التعميم أمس، لمست امتعاضًا وانزعاجًا من قبل العملاء من كثافة المعلومات والمستندات المطلوبة، إلا أن الصيارفة ماضون بهذا الإجراء التزامًا بكافة المتطلبات التي تساهم في إزالة لبنان عن اللائحة الرمادية وفي مكافحة تبييض الأموال. علمًا أن عدد العملاء لدى الصيارفة وشركات تحويل الأموال يفوق بكثير عدد عملاء المصارف، وبالتالي هناك صعوبة في إقناع كلّ عميل يقصد تلك المؤسسات بالإجراءت الجديدة المطلوبة لمبلغ لا يعتبر كبيرًااً ( 1000 دولار) .
وبما أن المبلغ المحدّد من قبل مصرف لبنان (1000 دولار) يعتبر سقفًا متدنيًا جدًّا مقارنة بـ 10 آلاف دولار في المصارف، فإن عدد العمليات والعملاء الذين تنطبق عليهم مندرجات التعميم هائل جدًّا ولا يمكن تنفيذها بشكل يدويّ ويحتاج إلى برامج متخصّصة بصدد اعتمادها من قبل كافة المؤسسات المالية!
وبوجود طرق أخرى غير شرعية لإتمام عمليات التحويل أو الصيرفة، وفي بلد مدولر يستطيع أيٌّ كان أن يستغني عن الصراف واستبداله بمحطات المحروقات أو المتاجر للقيام بعميلة صيرفة من الدولار إلى الليرة أو العكس.
تجدر الإشارة إلى أن مصادر مصرف لبنان سبق وأكدت لـ "نداء الوطن" أن تعميم مصرف لبنان يهدف إلى جمع كافة المعلومات والمستندات data عن الأشخاص والجهات التي تقوم بعمليات تحويل مالي إلى الخارج أو تستقبل أموالًا عبر تلك المؤسسات، على أن يقوم مصرف لبنان في المرحلة الأولى بالتدقيق فيها وتطبيق معايير الامتثال قدر الإمكان، لأن المؤسسات المعنيّة لا تملك وحدات وأقسامًا على غرار المصارف، للامتثال وبالتالي، لا تقوم بتتبّع العمليات التي تتم عبرها إن كانت مشبوهة أو ذات مخاطر عالية. وتوقعت المصادر أن يصار بعد ذلك إلى الانتقال بشكل تدريجي نحو تدريب تلك المؤسسات على القيام بدورها بهذا التدقيق مراعية معايير الامتثال الدولية، بعد أن يتم وضع الآلية اللازمة والنظام الإلكتروني المطلوب.
ورأت المصادر أن اعتماد نظام "إعرف عميلك" وتعبئة النموذج المطلوب، سيجعل على غرار المصارف، كافة العمليات التي تتم عبر مؤسسات تحويل الأموال أو الصيارفة، مصنفة شرعية شكلياً، على أن يصبح كلّ من يلجأ إلى المؤسسات غير الشرعية موضع شكّ وشبهة، معرّضًا نفسه والمؤسسة غير الشرعية التي تقوم بتحويلاته، إلى المخاطر.



